![]() |
![]() |
|
في إطار تعزيز الكفاءات وتطوير القدرات المهنية لموارده البشرية في مجال الافتحاص المالي نظّم المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، يوم الاثنين 22 شتنبر 2025، دورة تكوينية في موضوع: "دور الافتحاص في ربط المسؤولية بالمحاسبة"، وتم بسط جميع المقومات التي ينبني عليها الافتحاص كأداة أساسية لتحقيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في أي منظومة، سواء كانت مؤسسة عامة أو خاصة.
قام بتأطير هذه الدورة التكوينية السيد محمد حدحودي، واستفاد منها مسؤولو وأطر المجلس، خصوصا الأطر التي سبق لها المشاركة في المهمات الافتحاصية التي يقوم بها المجلس. وتميزت بطابعها التفاعلي، وشهدت تواصلا نشطا، حيث أثرى المستفيدون العرض بمداخلات ومشاركات فعالة، وتلقى المؤطر استفسارات وأسئلة أجاب عليها بشكل متدرج وممنهج، بما يتناغم مع محاور العرض المقدم.
وقد افتتح السيد رئيس المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، الأستاذ سعيد بن البشير، هذه الدورة التكوينية بالتذكير بأهمية موضوعها، وتقديم السيد محمد حدحودي في عرض موجز عن سيرته الذاتية وتجاربه المهنية داخل وخارج أرض الوطن. ويجمع السيد محمد حدحودي بين خبرة أكاديمية واسعة ومسار مهني طويل في مجال التدقيق والرقابة، فقد حصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الاقتصادية عام 1999، بعد أن كان قد نال الإجازة في الاقتصاد القياسي عام 1982. كما عزز تكوينه الأكاديمي بشهادات متخصصة في الرقابة والتدقيق، منها دبلوم الرقابة الشاملة من المؤسسة الكندية للتدقيق والمساءلة عام 1987، وشهادة في التدقيق والتقييم من مكتب المراجع العام بكندا بين عامي 1986 و1987.
أما على الصعيد المهني، فقد بنى مسيرة حافلة داخل المجلس الأعلى للحسابات، حيث بدأ كقاض ومستشار في الفترة ما بين 1982 و1991، ثم ترقى ليصبح رئيسا لفرع، ثم رئيسا لغرفة، وتولى أيضا رئاسة هيئة الغرف المشتركة. وقد اضطلع بمسؤوليات مهمة في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. وإلى جانب خبرته داخل المؤسسات الحكومية، عمل كمدقق لبرامج الأمم المتحدة بالمغرب، ومستشارا مستقلا في التدقيق وتدبير الطلبيات العمومية. كما شارك في مهام دولية، حيث كُلف من قِبل البنك الدولي لتقديم المساعدة التقنية لأجهزة الرقابة المالية في بعض الدول الأفريقية، وقام بتقييم أداء الأجهزة العليا للرقابة المالية بتكليف من الهيئة الألمانية للتعاون عام 2024.
ولا شك أنه من خلال عملية الكشف عن المخالفات المالية والإدارية، سواء كانت أخطاء غير مقصودة أو تجاوزات متعمدة، يسهم الافتحاص في إرساء مبدأ الشفافية، مما يؤدي إلى تحديد المسؤولين بدقة عن أي تقصير أو فشل في أداء مهامهم. هذا التحديد الدقيق للمسؤولية هو الخطوة الأولى نحو المحاسبة الفردية، حيث لا يمكن لأي مسؤول أن يتهرب من تبعات قراراته وأفعاله. فضلا عن ذلك، فإن وجود نظام افتحاص فعال يعمل كآلية وقائية ورادعة، إذ يدرك المسؤولون أن أعمالهم تحت المراقبة المستمرة، مما يحفزهم على الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية. وبهذا، لا يقتصر دور الافتحاص على كشف الأخطاء فحسب، بل يمتد ليشمل تقديم التوصيات اللازمة لتحسين الأداء المستقبلي، مع التأكيد على أن المسؤولية لا تقتصر فقط على تحمل أخطاء الماضي، بل تتطلب أيضا التزاما بتحقيق الأداء الأمثل في المستقبل.
وبناء عليه، فقد قُدّمت أهم الأهداف المحددة للدورة في مستهل العرض والتي تتلخص في النقاط التالية:
- التذكير بالمبادئ العامة لمفهوم الافتحاص؛
- تعريف مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؛
- تقديم شروط فاعلية دور الافتحاص في ربط المسؤولية بالمحاسبة؛
- دور المجلس في إرساء وتوطيد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في تدبير الأوقاف العامة؛
- آفاق الافتحاص وتحدياته.
من خلال عرضه، قدم الأستاذ محمد حدحودي، تعريفا موجزا لمصطلح الافتحاص والتدقيق المالي، كما قدم مختلف المصطلحات المستخدمة في مدونة الأوقاف والنظام الداخلي والتي لها نفس المقصد.
وقد تم توضيح كيفية نشأة مفهوم الافتحاص والتدقيق المالي والضرورة التي دعت إلى وجوده، ومن خلال ذلك تم تبيان دور الافتحاص في ربط المسؤولية بالمحاسبة.
بعد ذلك، قدم مؤطر الدورة، أنواع الافتحاص وأهدافه، ومن خلال ذلك الفرق بين مختلف أنواع الافتحاص التي يقوم بها المجلس حسب اختصاصاته المحددة في مدونة الأوقاف والنظام الداخلي.
استرسل العرض بتحديد الشروط الخاصة لضمان فعالية الافتحاص حتى يتمكن من بلوغ هدفه المتمثل في ربط المسؤولية بالمحاسبة، وذكر أن هناك شروطا تتعلق بالمدقق، وأخرى تتعلق بالجهة الخاضعة للافتحاص، وشروط خاصة بالمهمة الافتحاصية.
اختتم عرضه، بتوضيح آفاق الافتحاص وتبيان ضرورة تطويره وذلك بالاعتماد على الوسائل التكنولوجية الحديثة التي أصبحت تفرض نفسها يوما بعد يوم ومن شأنها تعزيز قدرات المفتحصين وتسهيل ضبط عملهم وتجويده.