وسئل بما نصه : ما يقول سيدنا وشيخنا وإمامنا وبركتنا وقدوتناومفيدنا، العالم الأوحد، المشاور المتبع، أبو سعيد ابقى الله لنا أيامه، وشكر إحسانه الجزيل لنا وإنعامه – في عهود وأحباس بمدينة المريا، بيد ناظر عليها مقدم من قبل من وجب منها ما علم مصرفه بالوقوف على العقود المعين فيها ذلك.
كما وقف على قراءة الحزب، فالمتعلمون كتاب الله سبحانه واليتامى والأبكار وفي سبل الخيرات وطرق البر وعلى وقود المسجد الجامع وكسوته وغير ذلك إذ كان أصل العهود والأحباس قديما ببجاية، وانتقل ذلك إلى مدينة المرية لانتقال أهلها بعد أمر المولى أيده الله بتمشية مرتب منها لطلبة العلم من أهل ذلك البلد إرفاقا بهم، وعونا لهم على ما هم بسبيله من التمسك بالطلب، فهل يسوغ لهم شرعا إن لم تف العهود التي في سبيل الخيرات وطرق البر بجملة المرتب أخذ الباقي لهم بعد استيفاء ذلك من العهود والأحباس التي جهل مصرفها أم لا يسوغ ذلك؟ متفضلا بذلك منعما به.
فأجاب : وقفت على السؤال المكتتب في الصفح قبل هذا، والحكم في ذلك أن لوجوه الخير والبر مدخلاً في الأحباس المجهولة الأصل، فيصرف فوائدها فيما بعد ذلك من مرتبات طلبة العلم وغيرها، وإذا كانت الأحباس المعلومة المصرف قد قيل فيها بجواز صرف فائدها في غير مصرفها مما هو داخل في باب الخير وسبل البر، فكيف بالأحباس التي لا يعلم مصرفها، وقع في نوازل ابن جابر ما نصه : خفف محمد بن اسحاق بن السليم في تصريف الأحباس بعضها في بعض وقد فعل ذلك غيره من القضاة بقرطبة، وهو قول ابن حبيب في كتاب الحبس من واضحته، وفي ذلك اختلاف، وذكر ابن سهل في نوازله نحو ذلك عن بعض الشيوخ أنه لا حرج في صرف فوائد الأحباس بعضها في بعض، ولا بأس بما هو لله أن يصرف فيما هو لله، فهذا حكم ما تقيد نقله من الجواب، والله الموفق للصواب.