وسئل عن امرأة حبست نصف دار لها ونصف كرمها على مسجد معين، وتركت ابني عم لها أخذ أحدهما نصف الدار في إرثه، وأخذ آخر نصف الكرم، والذي أخذ نصف الدار يسكن النصف المحبس بالكراء حتى طال الأمدـ وأراد قسمة الدار وإبراز حظه، فشهد فيه أنه لا يتأتى قسم الدار، إذ لا يتأتى لأحد القسمين مدخل ولا يجد من يشتريه منه من قبل الحبس، فأراد بيع الدار كلها واقتسام الثمن، ويشتري بما يخص الحبس داراً أو غيرها مما لا شركة فيه، فهل يجوز هذا أو لا يجوز؟ فإن قلتم بجواز البيع، فهل يجوز أن يعطي فيها ملكاً من أملاكه بقيمته بعد التقويم والسداد؟ . وأما ابن العم الآخر الذي أخذ نصف الكرم فإنه قسم الكرم مع الحبس وامتاز بنصفه، ثم أراد الآن أن يعوض من الحبس بملك من أملاكه بعد القسمة، وليس للحبس في هذا فائدة إلا توفير منابه، وذهاب الخوف من ضياعه وهلاكه بطول السنين، فهل تجوز المعاوضة لهذه المصلحة أو لا تجوز؟ لأنه يمكن أن يصلح من فائده.
فأجاب : تأملت المكتوب هذا بطرته. فأما الكرم فقد اخرج بسبيله فحكمه حكم سائر الأحباس لامتيازه وعدم الشركة فيه. وأما الدار فأعدل الأقاويل الثلاثة قول ابن حبيب وابن الماجشون: إنه يجوز بيعه ويشترى بثمنه ما يجعل حبسا مثله، فإن حكم بها قاض ثبت ولم يسع أحداً بعده أن ينقضه.