التحبيس علــى البنيــن دون البنـــات
  • Register
23 نونبر 2024
 

   للفقيه الإمام القاضي على الجماعة بقرطبة أبي عبد الله محمد بن علي ابن حمدين : ومن قال هذه الدار حبس على أولادي، فأجمل ذكر الولد ولم يأت بذكر أعقابهم، فإنه يدخل في عموم هذا اللفظ ومعناه كل من يقع عليه اسم الولد للمحبس، وهم ولده لصلبه ذكرا أو انثى، وولد الذكور من ولده، ما تناسلوا وتناهوا عند مالك رحمه الله، لأن اسم الولد واقع عليهم ولازمٌ لهم، ولم يجعل قوله على ولدي لفظا خاصا لأعيان الولد، فينفرد ولد الصلب، دون سائر من ذكر ممن يرجع بنسب ولادته إلى المحبس من الأعقاب، ولا يدخلون في ذلك ولد اناث الولد، إذ ليسوا بولد جدهم المحبس, أي ولا بعقب له هذا قول مالك رحمه الله ومن يقول بقوله، كذا ذكر ابن وهب عنه في كتاب الأحباس من المدونة قال : وقال مالك لس لولد البنات شيء إذا قال هذه الدار حبس على ولدي فهي لولده وولد ولده وليس لولد البنات شيء، فدلت الرواية المذكورة على أنه لم ير ولد البنات ولدا لجدهم المحبس، ولا عقبا له إذ لم يدخلهم في حبسه بلفظ الولد الذي به دخل ولد ذكران الولد من ولده، واحتج مالك رحمه الله تعالى على منع ولد البنات من الدخول في هذا الحبس بقول الله تعالى في آية الوصية: }يُوصِيكُمُ اللهُ في أَوْلاَدِكُمْ{. واجتمعت الأمة على أنه ليس لولد البنات حق وقال الشاعر :

بَنونَا  بَنُو أَبْنَائِنَا  وَبَناتُنَا    بَنُوهُنَّ  أَبْنَاءُ  الرِّجالِ الأبَاعِدِ    

   فبان بهذا الشعر، وبما سبق من قول الله تعالى في الآية المذكورة، وإجماع الأمة في إخراج ولد البنات من هذا اللفظ أن الولد في لسان العرب إنما يقع عندهم من ولد الولد الذكران منهم دون الإناث، وكذا حكم الأبناء والذرية والأعقاب وما جرى مجراها فإن عقَّبَ المحبس فقال : حبس على ولدي وعلى ولد ولدي أو قال حبس على ولدي وأعقابهم وذرياتهم وأنسابهم ففي دخول ولد البنات في تحبيس جدهم للأم في المذهب قولان : قيل إنهم لا يدخلون، وسواء عقب المحبس أو لم يعقب، إلا أن يخصوا بلفظ الدخول، وهو قول يحيى بن سعيد في كتاب حبس المدونة والروايات بمثله عن مالك  رحمه الله في غير المدونة موجودة منصوصة، وقيل إنهم يدخلون بلفظ التعقيب ومعناه، وظاهر قول المحبس وفحواه، إلا يستثنوا من الدخول.

   والقائلون بذلك والذاهبون إليه من فقهاء المذهب كثير، ولم يزل الخلاف واقعا في هذه المسألة بين فقهاء كل وقت إلى هلم جرا. فقد يحتمل أن يكون ما ذهب إليه من قال بالقول الأول من أن ولد البنات لا يدخلون، وإن عقب المحبس حتى يخصهم بلفظ الدخول، وإن كان اسم ولد الولد واقعا عليهم ولازما لهم، أن يكون لفظ الولد عندهم باقياً على عمومه، المتضمن لجميع نسل ذكران الولد إلى انقراضه، لا يخصصه عندهم ولا يخرجه من عمومه ما أردفه بعد من ذكر ولد الولد، فولد ذكران الولد إذاً إنما يدخلون بلفظ الذي يختصون به، دون لفظ ولد الولد الذي يشتركون فيه إذا كان لفظ الولد عاماً لجميعهم حسبما تقدم. ألا ترى أنه لو لم يعقب لدخلوا فإذا عقب لم يستفد معنى في دخولهم، ولما لم يدخل به ولد ذكران الولد فوجب أن لا يدخل به ولد إناث الولد إذ لا يصح أن يكون ذكر هذا التعقيب المجمل خاصا لولد الإناث دون ولد الذكران الذين يشركونهم في هذا الاسم، ولا أن تعمل الكلمة في البعض منهم، دون الكل من غير بيان ولا قرينة تدل على ذلك، فوجب أن يكون مجمل لفظ التعقيب معرى عن العمل في دخول أعقاب البنات، إذ لم يكن لهم عمل في دخول الأعقاب الذُّكْرَان وأن يبطل حكم التعقيب إذا كان غير مؤثر في إدخال الأعقاب، بل إنما هو لفظ واقع على عقب معدوم ونسل غير موجود ولا معلوم، لأن لفظ الولد الذي إليه تنسب الأعقاب إذا كان محمولا على العموم المحيط بأول عقب المحبس وآخره إلى أن ينقرضوا ولا يبقى منهم باق، فإنما يقع ذكر الأعقاب إذاً على ما بعد الفناء – أعني فناء النسل وانقراضه، وأي عقب يكون للمحبس بعد انقراض أعقابه فيريدهم ويعينهم بذكر ذلك العقب في قوله على ولدي وأعقابهم، والولد قد استوفى جميع العقب المذكور إلى انقراضه وإنما يصح لحوق التعقيب واردافه فيما يكون اسم الولد فيه مخصوصا بولد الأعيان دنيا، فيسوغ حمل الأعقاب إذاً عليهم لأنا نوقعه حينئذ على عقب من يكون منهم وقوع النسل ووجود العقب، ولو كان هذا التعقيب مفرداً بولد البنات وخالصا لهم بإفصاح من قول المحبس مثل أن يقول على ولدي وعلى أعقاب إناث ولدي، فيدخل ولد الذُّكْرَانِ بقوله على ولدي، ويدخل ولد الإناث بقوله وعلى أعقاب الإناث ولدي لصح ذلك التعقيب لوقوعه على عقب من يكون منه العقب والنسل، فإن لفظ الولد في بنات المحبس واقع منهم على بنات الصلب أبداً  لا على أعقابهم لكن لفظ التعقيب جاء مجملا لم يرد منه عقب من عقب فوجب أن يبطل في هذا وهذا، إذ لا يصح أن تكون لفظة التعقيب صحيحة سقيمة، مستعملة مهملة في جور، ولا يسوغ أن يثبت حكم التعقيب ومعناه إذا كان الولد في حكم العموم ومعناه، فيكون اللفظان محكمين يدخل الولد في الحبس من جهتيهما للتنافي الواقع بين معنييهما، ولا بد من أن يكون دخول أولاد أولاد المحبس من جهة التعقيب المضاف ضميره إلى آبائهم أبناء المحبس، فكل من كان ولد ولد دخل، فيكون الولد في قوله ولدي في حكم الخصوص، لا يدخل به إلا أعيان الولد، وبالتعقيب تدخل الأعقاب، أو يكون دخولهم من جهة لفظ الولد المضاف ضميرهم إلى أبيهم المحبس في قوله ولدي فيكون له حكم العموم المبطل لحكم التعقيب، فمن كان ولدا دخل، ومن لم يكن ولدا لم يدخل وإن عقب فلا معنى للتعقيب لأنه في حكم الاتباع الملغى، وحيز المهمل الذي لا يحصل ولا يراعى، وعلى هذا التأويل يدل قول مالك رحمه الله في المجموعة، ونصه : من قال ملكي ومن قال داري حبس على ولدي فإن ولد الولد يدخلون مع الآباء بقول الله عز وجل }يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ{فكان ولد الولد كالولد في عدم الولد، قال مالك وإذا قال حبس على ولده وولد ولده يدخل فيه ولد البنات لأنهم من قوم آخرين، وكذلك الصدقات والأحباس، لأنهم لم يدخلوا في آية المواريث، فبان بقوله لأنهم من قوم آخرين، وبقوله لأنهم لم يدخلوا في آية المواريث، إنه رعى من قوله ولدي وولد ولدي لفظة ولد فقط، إذ ليس كل من يقع عليه اسم ولد ولد يكون ولد المحبس، ولا يجب له الدخول في ميراثه، وجعل ما أردفه بعد من ذكر ولد الولد ملغى لا يدخل من جهته أحد من أعقاب الذكور، فلم يدخل به أحد من أعقاب الإناث وبقي مجرد لفظ الولد يدخل من جهة من يجب ذلك له، فلا يصح دخول الأعقاب على ظاهر هذا القول من جهة التعقيب إلا بأن يصرح المحبس بدخولهم من جهته، نصا ينصه مثل أن يقول على ولدي، وعلى ولد الذكور والإناث من ولدي، أو على ولدي الذكور أو على ولدي الإناث من ولدي، كيف شاء المحبس في تحبيسه، فيعلم حينئذ أن لفظ الولد خاص لولد الصلب لا عام للنسل، وإن الأعقاب انما دخلوا من جهة التعقيب لا من جهة لفظ الولد الذي يختص به بعض الأعقاب دون بعض، وكذلك ساوى مالك – رحمة الله -  بين قول الرجل حبس على ولدي وقوله على ولدي وولد ولدي في دخول ولد الولد مع  الولد في سكنى رباع الأحباس، ولم يجعل بينهما فرقا ولا مزية في وجوب تفضيل أو تسوية.

   وروى أشهب رحمه الله أنه إذا قال على ولدي لم يدخل ولد الولد إلا في فضل إن كان. وإذا قال على ولدي وولد ولدي سوى بينهم في الدخول بمنزلة من حبس على ولده وعلى أجنبيين، وخالفه ابن القاسم إلى قول مالك رحمه الله، فهذا من قول أشهب يبين أن بني البنين إنما دخلوا بلفظة ولد ولد وهو تحبيس ثان فكأنه حبس على طائفتين. وقوله على أجنبيين يقتضي دخول ولد البنات، لأنه أنزل العقب كله بمنزلة الأجنبيين بولد البنات منهم والله أعلم.

   ومعنى ما ذهب إليه من قال بالقول الثاني من أنه عقب دخل ولد البنات أن لفظ الولد في قوله حبس على ولدي وقع خاصا لأعيان الولد فقط، لا عاما لكل من يقع عليه اسم ولد للمحبس، ولو أراد به العموم الواقع على جميعهم، لم يحتج إلى التعقيب وذكر ولد الولد مع الولد ولاكتفى بقوله حبس على ولدي فقط إذ استوفى المعنى الذي أراده من التحبيس على ولده لصلبه، وولد الذُّكْرَان من ولده فلما عقب وقال : وعلى ولد ولدي ولم يكتف باسم الولد الذي يغنيه عن التعقيب، علم أنه أراد بلفظ ولدي الخصوص والحصر لأعيان الولد لا العموم لسائر من يقع عليه اسم الولد، فلم يدخل ولد الذُّكْرَانِ حينئذ بلفظ الولد الذي يختصون به، دون ولد البنات فيمتنع دخول ولد البنات لأن الجد لم يدخلهم به، وإنما أدخلهم بلفظ ولد الولد الواقع على كل من يرجع إلى المحبس بنسب وعلى كل ما يرجع إليه بنسب وهو تحبيس ثان إذ لم يكن لهم عبرة دخول بالتحبيس الأول، فوجب أن يدخل ولد البنات بهذا اللفظ، كما يدخل به ولد الذكران لاجتماعهم في هذه الكلمة، لأن الجد أدخلهم فيه بالذكر والقصد.

   ويبين قول من ذهب إلى هذا المذهب ما حكاه ابن أبي زمنين مما وقع لمالك رحمه الله في كتاب محمد بن المواز. فيمن حبس على ولده وسماهم، أن ولد البنات يدخلون مع ولد البنين في هذا الحبس، وإنما فرق بين أن يسمي الولد، أو لا يسميهم في الدخول وفي امتناع الدخول، لأنه إذا قال حبسٌ على ولدي : زيد، وعمر، وعائشة، وفاطمة، كان هذا التحبيس مخصوصاً بِمَن عيَّنه وسمَّاه من ولد الصلب وموقوفاً عليهم لا يتعداهم إلى أعقابهم، إلا أن يُعديه المحبس بلفظ غير الأول، لأنه حبس على أعيان لَو ماتوا رجع هذا الحبس إلى المحبِّس ميراثاً كالعمرَى، أو إلى أقرب الناس إليه على الخلاف في المرجع، ألا ترى أنه لو سكت لم يدخل مع الأعيان المسمين أحدٌ من أولادهم ما لم يُعقب، فإذا قال وعلى أعقابهم وأولادهم دخل في ذلك ولد الإناث وولد الذّكْرَان، لأنَّهم باسم ولد الولد الذي يجمعهم دخلوا، لا باسم الولد الذي به يختص ولد الذُّكْران دون ولد الإناث، فهذان تحبيسان : تحبيس أولاد الأعيان لا يدخل به أولادهم، وتحبيس آخر على أولادهم، إذْ لم يدخلوا بالتحبيس على آبائهم فساوى ولدُ الإناث ولد الذّكْرَان في الدخول في هذا الحبس، لأنهم ولد ولد بلا خلاف، وهم لا يدخلون إلا من جهة التعقيب أبداً. ويجمع لك وجوه المسألة ويعبر عنها أن ولدَ ذكران الولد يقع عليهم في لسان العرب إسمان : اسم ولد، واسم ولد ولد، وولد إناث الولد إنما يقع عليهم اسم ولد ولد فقط، لا اسم ولد، فإذا كان  دخول العقب من جهة اسم ولد دخل في ذلك ولد ذكران الولد، لأنهم ولد للمحبس كآبائهم، ولم يدخل بذلك ولد إناث الولد لأنهم ليسوا بولد للمحبس كآبائهم، وإذا كان دخول العقب من جهة اسم ولد ولد وجب أن يدخل في ذلك ولد الإناث، كما يدخل ولد الذكران لأنهم اسم ولد ولد يعمهم ويَجْمعهم، فمن حيث دخل به هؤلاء دخل به هؤلاء. واختلف في تأويل مالك رحمه الله في المدونة في مسألة ولدي، ومسألة ولدي وولد ولدي وجوابه فيهما. فقيل إنهما بمعنيين، وإن ولد الولد يدخلون مع الآباء في قوله : ولدي ولا يبدأ ولا يؤثر الآباء، وهو نقيض قول أشهب. وقيل إنهما بمعنى، وإنه أجاب في الواحدة على مسكن يسعهم وأجاب في الثانية على مسكن يضيق عنهم، وكونهما بمعنى هو الصحيح.

   ويبين ذلك ما رُوي الملك في المجموعة من أنه قال فيمن حبس على ولده، أو قال على ولده وولد ولده، قال مالك فذلك سواء، ويبدأ بالآباء فيؤثرون، فإن فضل كان لولد الولد، قال عبد الملك كان مالك رحمه الله يعتبر الأعلين ويوسع على الآخرين، وكان المغيرة وغيره يساوي بينهم، قال عبد المالك وهو أحب إلي، وهذه مسألة المدونة بعينها ومفسر قوله يقضي على فهمه، ويحتمل أن يكون معنى ما ذهبوا إليه من منع ولد البنات في حبس جدهم أبي أمهم، وقد حبس على ولده وولد ولده أن تكون أحباس وقت المفتين بذلك، وعادة محبسها في زمانهم تجري على عادتهم وعرفهم على استثناء ولد البنات من الدخول في الأحباس وأفراد ولد ذُكْرانِ الولد بها حتى صاروا كأنهم المختصون بهذا الاسم دون ولد البنات، فوجب بذلك عندهم إذا وقع ذكر ولد الولد مجملا أن يعدلوا به عن ظاهر اللفظ إلى جاري العادة والعرف، وإلى ولد الولد المعلوم المعتاد المقصود أبداً بالدخول في الأحباس، لا إلى ولد الولد الذي جاز في العادة والعرف استثناؤهم منهاوالعدول بهم عنها حتى يخصهم المحبس بالذكر نصا ينصه، وهو معنى ما ذهب إليه ابو عبد الله محمد بن العطار وغيره من الموثقين في كتب وثائقهم. قال أبو عبد الله وإذا قال الرجل حبسٌ على فلان وفلان وفلانة وعلى أعقابهم إن ولد البنات لا يدخلون ذُكْرَانه، قال حملا على المسألة الأولى وساوى بينها وبينها في امتناع دخول ولد البنات، ورأيت مثل ذلك لغيره من فقهاء عصره، وقد حكيت التفرقة عن مالك رحمه الله بين قوله حبس على ولدي وعلى أولادي وبين قوله حبس على أولادي زيد وعمر وعبد الله وفاطمة وعائشة، وعلى أولادهم أو أعقابهم حسبما تقدم فكأنه قال على هذا التفريق قضى في الأولى للعادة والعرف على ظاهر اللفظ وقضى في الأخيرة لظاهر اللفظ وتأكيده بالتسمية والذكر على العادة والعرف وهو الصحيح، لأنه قال على ولدي ثم سماهم، فقال زيد وعمر وفاطمة وعائشة وزينب، ثم قال وعلى أولادهم وأعقابهم فأعاد الضمير الذي هو الهاء والميم على الجملة المسماة المذكورة كرة واحدة فوجب أن يدخل أولادهم، فظاهر هذا اللفظ ادخالهم المحبس ولو أراد أن لا يدخلوا لقال وعلى أعقاب ذكرانهم، ما كان قوله وعلى أعقابهم، فمن أعاده من الجملة التي قد سماها المحبس على زيد وعمر وعبد الله دون عائشة وفاطمة وزينب في تسميته لآبائهم، ثم إعادته على تلك الجملة المسماة الضمير المتعلق بأبنائهم تحكما لا يساعده لسان، ولا يشهد له من قول المحبس دليل ولا برهان، وإن في الاحتمال على ذلك والقول به في مسألة محمل ذكر الولد ما لا تطيب به النفس، ولا ينشرح إليه الصدر، فكيف في هذه التي قد أكَّدهم فيها بالتسمية والذكر، فكأنه قال على هؤلاء المسمين، وعلى أولادهم وكما أنه لو وقف جميع بنيه ذكورهم وإناثهم إلى الشهود، فقال لهم إني قد حبست ملكي الذي بموضع كذا على هؤلاء وعلى أولادهم لم يختلف أن أولادهم جميعهم يدخلون ذكورهم وإناثهم.

   وذكر محمد ابن ابي زمنين رحمه الله هذه المسألة فأحسنها وساق ما لمالك رحمه الله في كتاب ابن المواز، وهي المسألة المتقدمة الذكر، من أنه إذا سمى وعقب دخل ولد البنات، وأضاف إليها ما في سماع سحنون من ابن القاسم في الذي يحبس داره على ابنته وولدها أن ولدها يدخلون ذكورهم وإناثهم، فإذا ماتوا كان ذلك لولد الذكران من ولدها، وليس لولد البنات حق، قال الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد وفقه الله تعالى : وكذا ينبغي أن يكون الجواب في مسألة إذا سمى ولده، وعقب على قول مالك هذا، ثم قال ابن أبي زمنين رحمه الله على إثر ذلك : قال محمد : -يعني نفسه- وإذا قال المحبس على أولادي فلان وفلان وفلانة سمى أولاده، ثم قال وعلى أولادهم ما تناسلوا، فإن أولاد ابنته يدخلون في حبسه ولا يدخلون في ذلك أولاد أولاد ابنته، وإذا قال على أولاد فلان وفلان وفلانة سمى أولاده وعلى أولادهم وعلى أولاد أولادهم فإن أولاد ابنته يدخلون أيضا، ولا يدخل أولادهم، إلا أن يسمى المحبس طبقة رابعة أو أكثر، فإن ولد البنات يدخلون مع ولد الذكران إلى الدرجة التي سمى، ثم يخرج ولد البنات ويجري التحبيس على ولد الذكور، قال ابن أبي زمنين هذا الذي تعلمته من أفقه من أدركناه وهذا ذكره ابن العطار في عقب البنات سواء.

   قال الفقيه القاضي وفقه الله هذا الذي ذكره بن أبي زمنين رحمه الله أنه جرت عليه الفتيا، وأخذه عن أفقه من أدرك ورأى إنما يأتي على ما في سماع سحنون وهو خلاف ما لمالك وابن القاسم في السماع المذكور في المسألة التي جرت ذكرها قبل، وخلاف مالك أيضا في المدونة من رواية ابن وهب في أعقاب الذكران، ونسوق ما لمالك في السماع المذكور على نصه ليستبين قول الغير من قول مالك وابن القاسم رحمهما الله فيه إن شاء الله، ومن العتبية روى سحنون عن ابن القاسم قال : ومن حبس دارا على ابنته وولدها يدخلون ذكرانهم وإناثهم، فإذا ماتوا كان ذلك لولد ذُكْران ولدها ذكورهم وإناثهم وليس لولد البنات شيء.

وقال مالك إنما تكون حبسا على كل من يرجع بنسبه إلى الابنة، فجعل لفظ الولد عاما يشتمل على كل من يرجع إلى البنت المذكورة بنسب ولادة حسبما وقع من ذكر ذلك في المدونة في الحبس على الولد، إذا جعل ذلك لفظا عاما لكل من يقع عليه ذلك الاسم – خاصا لأعيان الولد، قال : وقال غيره فيمن حبس على ابنته وولدها أنه يكون حبسا على ولد الابنة دنيا، فإذا ماتوا لم يكن لأولادهم شئ، فجعل لفظ الولد خاصا لأعيان الولد عاما لكل من يرجع إلى البنت بنسب، هذا ما قاله مالك وابن القاسم رحمه الله في المسألة بعينها، فإن عقب المحبس وقال على ولدي وعلى أولادهم وأولاد أولادهم أو على أعقابهم، وأعقاب أعقابهم فجعل قول مالك رحمه الله لا يدْخل مع التعقيب من ولد الولد إلا من كان داخلا منهم قبل التعقيب أي ولد ذُكْرانِ الولد، وعلى قول الغير يدخل مع كل تكرار لفظ الولد ولد الذكران وولد الإناث من أعيان الولد المحبس عليهم، إذ لم يدخل الأبناء هذا التحبيس عنده بالبنوة التي بها دخل آبائهم وأجدادهم المحبس عليهم، فيمتنع دخول ولد البنات، إذ ليسوا بولد للمحبس وإنما تدخل كل طائفة من هؤلاء بتحبيس مجدد، ولفظ مجرد يخصهم دون غيرهم ممن كان قبلهم من آبائهم أو ممن يأتي بعدهم من أبنائهم.

    فوجب في هذ القول أن يَدْخل في هذا ولد إناث ا لولد كما يدخل فيه ولد ذكران الولد لأنهم باسم ولد ولد دخلوا، لا باسم ولد وذلك مما يقع على ولد الإناث، كما يقع على ولد الذكران، أو باسم ولد ولدولد، فهو اسم يعم تلك الدرجة أيضا من ولد الاناث وولد الذكران، وكذلك كلما دخلت درجة فإنما تدخل بتحبيس مجدد، وبلفظ مجرد يخصهم باللفظ والقصد دون غيرهم، ولولاه ما دخلوا إذ لا دخول لهم عند من قال بهذا القول  من جهة التحبيس على آبائهم وأجدادهم المحبس عليهم أولا، فيمتنع دخول ولد الاناث إذ ليسوا بولد للمحبس عليهم، بل إنما دخلوا من جهة أنفسهم بالتحبيس عليهم باللفظ الذي يشملهم ويجمعهم، فأخذ المفتون بقول الغير في أعقاب الإناث من أن التحبيس على كل درجة خاص بها، لا يتعداها إلى درجة أخرى إلاَّ بأن يعدي المحبس حبسه إليه بذكر مبتدأ لو سكت عنه لم يدخلوا ولم يأخذوا بقوله في أعقاب الذكران، إذ قد جعلوا التحبيس على الولد عاما للآباء والابناء فدخلوا دخولا واحدا بحسب واحد، فاستبان بقول الغير هذا وبما جرت الفتوى به في أعقاب الاناث ما ذكره محمد بن أبي زمنين لمالك رحمه الله في كتاب ابن المواز إذا سَمَى الولد وعقب، لأن العقب لم يدخل في الحبس من حيث دخل الآباء فيمتنع دخول ولد الاناث، وإنما دخلوا من جهة أنفسهم، لا من جهة آبائهم. وهذا أيضا بن مذهب من قال إذا حبس على ولده وعقب أن لفظ الولد خاص بولد الصلب، وأن ولد الذكران بالتعقيب دخلوا لا من حيث دخل الآباء فلا يمتنع دخول ولد الاناث إذاً إنما وقع لفظ الولد عند من قال بهذا الولد خاصا لأعيان الولد، لأنه إذا عنى بقوله ولدي أعيان الولد للصلب فكأنه عينهم أو سماهم، وقال حبس على هؤلاء وعلى أولاد هؤلاء فيصير لفظ أولاد أولادهم لكل من يقع عليه هذا الاسم من أعقاب الاناث وأعقاب الذكران على ما لمالك وابن القاسم في السماع المذكور فيمن حبس على ولد بنته أن  لفظ الولد عام لكل من يقع عليه اسم ولد المرأة ممن يرجع بنسبه إليها وخلافا لقول الغير المخصص للفظ الولد.

   وقال ابن وهب فيمن أوصى لبني فلان أن ذلك لذكران الولد دون الإناث، تأول ابن وهب والله أعلم أن العرب تقول ابن وابنة ويقولون ولد ولم يقولوا ولده، وتأول أيضا قول الله تبارك وتعالى:}وَخرَّقُوا لَهَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ{ فوجب أن يكون لفظ الأبناء عندهم يختص بذكور ولده، دون إناثه وليس ما تأوله بصحيح، إذ لا خلاف أن البنين إذا أطلق اللفظ فهم اسم واقع على ذكران الولد وإناثهم، غير أنهم إذا أرادوا الفرق أثبتوا الهاء، فقالوا ابنة، وقالوا بنات، قال الله تعالى : }وَمِن آبائِهمْ وذُرِّيَّاتِهِم{ فأوقع اسم الأبناء على ما وقع عليه اسم الذرية، وقال }يا بني آدم{ فوقع على ذكور ولد آدم وإناثهم وكذلك قوله : }يَا بَني إسْرائِيلَ{ قال في قصة ابراهيم عليه السلام : }واجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نعْبُدَ الأصْنَامَ{ وهو لم يدع بذلك لذكور ولده دون إناثهم. وقال r((لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِبَني هَاشِمِ)) فكان طلك لذكور بني هاشم وإناثهم. وقال الشاعر :

إذا ما الشَّيْخُ صَمَّ ولم يُكَلّــــِمْ    وَلَمْ  يَــكُ  سَمْعُهُ  إلاَّ  نَـدَايَـــا       
وَلاعَبَ بِالْعَشِــــيِّ بَنِي بَنِيـــهِ     كَمِثْلِ  الْهِرِّ يَخْتَرِشُ  الْعَطَايَـا    

فلا يقال إنه أراد ملاعبة ذكور بني دون إناثهم. وقال غيره:

بَنُونا  بنو  أبْنائِنَا  وبناتُنا    بَنُوهُنَّ  أبْنَاءُ  الرَّجالِ  الأبَاعِدِ    


    
   فجمع بين الوجهين، وقال المخالفون لمالك رحمه الله تعالى إن ولد البنات كولد الذكران سواء، وكأنه قال الرجل هذه الدار حبس على ولدي دخل في ذلك ولد البنات كما يدخل ولد الذكران، لأن اسم الولد في لسان العرب عندهم واقع عليهم، واحتجوا على ذلك بقول النبي e في الحسن رضي الله عنه : ((ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ،))، وبقوله تعالى في آية المباهلة : }فَقُلْ تَعَالوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا ونِسَاءَكُمْ{، وبقوله تعالى : }حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكم{، فأجمعت الأمَّة على أن بنت البنت داخلة في هذا التحريم، فبان بما ذهب إليه مالك رحمه الله وذهب إليه المخالفون له إنما  راعى كل فريق منهم إدخال أعقاب الإناث أو إخراجهم موضوع لفظ الولد ومقتضاه وعلى من يقع في لسان العرب، وكذلك احتجوا على دخول ولد الاناث بقوله تعالى :}يَا بَنِي آدام خُذُوا زِينَتَكُمْ{، وبقوله تعالى :}وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ{، وبقوله :}يَا بَنِي إِسْرائِيلَ{، وبقول رسول الله e: (( لاَ تَحِلُّ لِبَنِي هَاشِمٍ)).وهذا غلط ممن احتج به إذ ليس لآدم ولد ابنة إلا وهو ولد ابن، فهم كلهم ولده لصلبه. وإنما كانت تقوم لهم الحجة بذلك لو تناكحوا في الجن. وكذلك لو نكح نساء بني إسرائيل في العرب ونساء بني هاشم في العرب أو في سائر قريش، وكذلك احتجوا بقوله تعالى :}وَمِنْ ذُرِّيَتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وأيُّوبَ وَيُوسُفَ{– الآية. ثم قال : }وَيَحْيَى وَعيسَى{، فذكره تعالى أعني عيسى في عدد ذرية إبراهيم وهو ابن ابنة لعمران.

   قال الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن حمدين رضي الله عنه : النزوع بقول النبي r في الحسن ومحبته في الحسن والحسين في المباهلة وبقول الله تعالى : }حُرِّمَتْ عَلَيْكُم أُمَّهَاتُكُمْ{ حجج قائمة لمن احتج بها في أن ولد البنات ولد لجدهم أبي أمهم وغير منكر أنه أبوهم بولادة البنات لكنها الولادة الصغرى التي توجب التحريم ولا توجب  الميراث، ألا ترى إلى قوله تعالى :}وأُمَّهَاتُكُمُ الَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَة{، فحرم بها ولم يوجب ميراثا لولد البنات فكما أنهم لا يدخلون في ميراث جدهم بهذه الولادة، فذلك لا يدخلون في حبس جدهم بها في قول من خالفهم، ألا ترى أنهم لا ينسبون إلى جدهم للأم، وإنما ينسبون إلى المحل الذي نزعهم إلى نسب أجدادهم للأم، فهم إن كانوا داخلين في ولادة جدهم للأم بحظه للبنت فهُم قد خرجوا عنها بحظ الأب، والحكم للأغلب، ولو جاز أن يكونوا ولدا لهذا وولدا لهذا دون تغليب، لوجب أن تكون المواريث على حكم ذلك وأن يرث الرجل أجداده للأم كما يرث أجداده للأب، وهم له كذلك، وأما الاحتجاج بعيسى e في دخول ولد البنات حبس أجدادهم للأم فلم يزل العلماء يحتجون. ويحتج لمن ذهب هذا المذهب، لا سيما إذا قال هذا الحبس على ذريتي بهذا اللفظ، وهو أمر إنما وقع على غير تدبر ولا إمعان نظر، ونعوذ بالله من هذا القول والاعتقاد له، وموضع الغلط والدرك فيه بين لمن تدبّره.

   أما إذا قلنا عمران ليس له في نبوة موسى r إلا حظ أبي البنت في ولدها، فقد آل هذا القول بقائله إلى أن له أبا خالط في امه ولادة عمران فكان أحق به منه، وهذا مثل قول اليهود الذين قالوا على مريم بهتانا عظيما. أو مثل قول النصارى الذين قالوا على الله سبحانه ما يجل عنه. وإنما عيسى r لعمران ولد الصلب، إذ لم يكن له أبٌ يكون أحق به من مريم فيخرج بذلك عن ولادة عمران، بل هو مخلوق من مريم كآدم خلقه الله من تراب، ثم قال له كن فيكون، فمنزلة عيسى من مريم كمنزلة آدم من التراب، فالذي قام لآدم مقام الأب والأم طينُتُه التي خلقه الله منها، والذي قام لعيسى r مقام الأب والأم مريم التي خلقه الله منها فليس له خروج عنها ، وكذلك حواء أم البشر خلقها الله من ضلع آدم عليهما السلام، فهو الذي قام لها مقام الأب والأم يقول الله تبارك وتعالى: }وَجَعلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وأُمَّهُ آيَةَ{. فوقف بنسبه على أمه وجعل الآية فيهما أن ولدت هي من غير فحل، وإن ولد هو من غير أب وقال الله تعالى : }يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ آنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ{. فلو كان له أب لم يضفه إلى أمه، فإذا لم يكن له أب فجميعه لأمه، وأمه من عمران لصلبه. قال الله تعالى:} يَأيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكرٍ وَأُنْثَى{. فجاء ما أجرى الله العادة به أن يخلقه من الذكر والانثى في عيسى r مخلوقا من الأنثى دون الذكر، ليجعله آية كما وصفه حيث يقول : }وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وأُمَّهُ آيةً{. فوجب أن يرفض هذا القول ويجهر، لأنه مضاهٍ لأقوال أهل الملل الكافرة، وأن لا يجعل حجة لدخول ولد البنات في تحبيس جدهم أي لأمهم لكونهم أبناء للصلب وقد أخذ الشاعر هذا المعنى في رهط قتيبة بن مسلم فقال  

  قَوْمٌ  قُتَيْبَةٌ  أُمُّهُمْ  وأَبُوهُمْ    لَوْلاَ  قُتَيْبَةُ  أَصْبَحُوا في  مَجْهَلِ    

   فجعلهم كأنهم كانوا أن يصرفوا غير مولودين إذ لم يكونوا شيئا مذكورا فلما اشتهروا به جعل ذلك لهم كالولاة بخروجهم من حد العدم، إلى حد الوجود بالذكر، فكأنه هو الذي ولدهم إذا كانت حياة ذكرهم من قِبَلِهِ، فكان هو مكان الأب والأم لهم في ذلك، إذ لم يأتهم الشرف إلا من جهته فقط لا من جهة وجهة أمهم، فيبطل هذا المعنى فيه.

   قال الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن علي رضي الله عنه : أوجب ذكر هذه المسألة وشرحها عقود رفعت إليَّ تضمن أحدها تحبيس المنصور محمد بن أبي عامر رحمه الله على ابنته فلانة وعلى عقبها من بعدها، فإن ماتت فلانة من غير عقب أو أعقبت فانقرض أعقابها رجع هذا الحبس على جميع أولاد المحبس ذكرانهم وإناثهم وعلى أعقابهم وأعقاب أعقابهم ما تناسلوا للذكر مثل حظ الانثيين وتضمن الآخر تحبيسه على أم ولده فلانة وعلى كل ولد يولد منها وعلى أعقابهم وأعقاب أعقابهم، فإن انقرضت من غير عقب أو عقبت فانقرض عقبها رجع ذلك إلى سائر أولاد المحبس ذكرانهم وإناثهم، وعلى أعقابهم وأعقاب أعقابهم، وتضمن الثالث تحبيسه على أحد أولاده وعلى عقبه، فإن انقرض من غير عقب أو عقب فانقرض عقبه رجع ذلك إلى سائر أولاد المحبس ذكرانهم وإناثهم وعلى أعقابهم وأعقاب أعقابهم ما تناسلوا للذكر مثل حظ الأنثيين فدعا عقب الذكران إلى إخراج ولد البنات منه، إذا كانت أيديهم في الحبس المذكور مع أيديهم فينفردوا به دون عقب الاناث، وقال لهم عقب الذكران إنكم إنما دخلتم في الحبس بمغبينا عنه، وقال عقب الإناث إنما دخلنا فيه بحقنا، وبالتحبيس الذي حبس جدنا علينا، وجاءوا ببينة تشهد لهم أنهم يعرفون أسلاف عقب الاناث يغتلونه مع أسلاف عقب الأولاد الذكران طائفة بعد أخرى،  ففاوضت بالعقود المذكورة، وفيما قاله كل طائفة من الفريقين، فأظهروه الفقهاء المفتون اصحابنا حفظهم الله، فاختلفوا في ذلك، قال البعض إن عقب الاناث لا يدخلون في هذا الحبس، والواجب إخراجهم، وأفتى الأكثر أنهم يدخلون بلفظ التعقيب ومعناه، والواجب إبقاؤهم، فأخذت بقول من رأى دخولهم، واستظهرت على صحة ذلك بما شهد به ولد البنات وأقر لهم به عقب الذكران، وبأن قول المحبس حبس على ولدي ذكرانهم وإناثهم دليل على الخصوص لولد الصلب حسبما تقدم قبل هذا، وبالتعقيب دخل ولد الولد ودل عليه وجوده بأيدي هؤلاء، فإن الفتيا والقضاء في ذلك الوقت الذي وقع به التحبيس المذكور كان يجري بإدخال ولد البنات إذا عقب المحبس، وبه كان يفتي ابن زرب، ويقضي ابن السليم، فرأيت أن تحبيس ابن ابي عامر إنما أوقعه على نحو ما كان يجري به القضاء والفتيا في وقته، والله ولي التوفيق للكل برحمته، لا شريك له، ولا معبود سواه، وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

 

bt-almaktaba

VISOTORS"

اليوم 17

الأمس 51

هذا الأسبوع 380

هذا الشهر 1721

الكل 83183

CONTACTUS

location icon75 زنقة سبو٬ أكدال٬ الرباط - المغرب

PHONE ICON 50 26 27 37 5 212+

FAX ICON 55 26 27 37 5 212+

EMAIL ICON عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

joinus

يعدّ إحداث المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة ثاني تجربة يعرفها المغرب في مجال إسناد مهام مراقبة التدبير المالي للأوقاف العامة إلى مؤسسة مستقلة عن الوزارة الوصية، حيث كانت التجربة الأولى من خلال "المجلس الأعلى للأحباس" الذي أحدث بموجب الظهير الشريف الصادر بتاريخ 16 جمادى الثانية 1332 الموافق لتاريخ 12 ماي 1914.