سئل عن مسجد حبس عليه أحباس معينة منها للإمام، ومنها للبناء، ومنها للحصر، ومنها للوقود، لكن ما ذكر للبناء هو للسقف، أعني للخشب والفرش دون الحيطان، كذلك يقول أهل القرية، فهل يجوز أن يأخذ ما حبس على السقف للبناء فتبنى به الحيطان أو من حُبُس الوقود، أو الحُصُر، أو يلزم لأِهل القرية أن يبنوا الحيطان من عندهم أم لا؟ ومسألة أخرى وهي أهل موضع أرادوا بناء مسجد وسور، ولهم في ذلك عوائد في بعض دون بعض. فهل يا سيدي يحمل الناس على سنتهم في ذلك؟ أم هل في ذلك سنة من عهد النبي e فيجب العمل بها؟ أو الخلفاء رضي الله عنهم بعده، فيقتدَى بهم وتترك سنة الناس؟ لأنهم في بعض المواضع يحرمونالضعيف والقوي سواء لا يفضلون أحداً على أحد. وكذلك أيضاً من حصر على الناس أمرهم ببناء مسجد أو سور وحمل الناس على عادتهم، هل يلزمه من أجل خدمة الضعيف أو من يحمل لذلك كره أم لا؟
فأجاب : لا بد لمتولي النظر في الحبس من مراعاة قصد المحبِّس واتباع شرطه إن كان جائزاً، فما خصه المحبس بنوع لا يصرف في غير ذلك النوع، والأنواع التي لا حبس عليها يجب على الإمام وهو السلطان أن يفعله من بيت المال، فإن عجز الإمام أو أهل النظر فيه توجه الخطاب على الجماعة من باب فروض الكفايات التي إن ترك الجميع أثموا، وإن قام بها البعض سقط عن الباقين الفرض.
ولا يُراعَى في ذلك مساواة ولا تفضيل، بل يخاطب به من له قدرة على المشاركة فيه بنفسه أو ماله وخط الولاة إلا () في ذلك إلى حصول المصلحة وبذل الاجتهاد، وحظ الفقيه الحض والترغيب، وأما مراعاة عوائد الناس إذا لم يكن فيها جور على أحد فحسن في هذا الباب، وأما مصرف فوائد الأحباس في السلف للناس فممنوع من حيث الجملة، لا سيما إذا كان السلف يؤول إلى ضياع المال.