إن الوقف تشريع إسلامي أصيل، يستمد مشروعيته من السنة النبوية، فهو بشكل عام ينتمي إلى القربات التي يراد بها وجه الله عز وجل للمنافع المتولدة عنه، ومن الأدلة القاطعة التي تؤصل لمؤسسة الوقف في الإسلام ما رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر أرضا بخيبر فأتى النبي ستأمره فيها فقال يارسول الله : إني أصبت أرضا لم أصب مالا قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني. قال : ( إن شئت حبست أصلها ، وتصدقت بها)، قال: فتصدق بها عمر، أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع، لا يورث، ولا يوهب .
وعليه، فنظام الوقف في الإسلام يعتبر نظاما خيريا بامتياز، له خصوصيته الفريدة، التي لا يمكن مقارنته بصور البر في الحضارات الأخرى. ولأهميته الجمة، فقد عني بوضع أحكام خاصة به تتلاءم مع خصوصيته، وتنسجم مع أبعاده القيمية، التي لم تقف عند حدود الاهتمام التشريعي الإسلامي، بل مست الجانب القانوني له.
ومن ثم ،فقد وضعت له تعريفات عديدة خاض فيها الفقهاء ،محاولين صوغها باستحضار للصفة المتفردة لمؤسسة الوقف، فتراوحت بين الخوض في جانبه اللغوي والاصطلاحي ،تبعا للمذهب المعتمد،الأمر الذي يعكس الثراء الفكري الشرعي، يوازي ثراء نظام الوقف، وهو ما سيدفع لاحقا بعض الأنظمة العربية إلى الاهتمام بتقنينه ،وهنا نستحضر التجربة الرائدة للمملكة المغربية في إفراد مدونة خاصة به، أطلق عليها (مدونة الأوقاف).